الأحد، 25 سبتمبر 2011

سوريا يا حبيبتي..!


وقف الصبي ذو الفانلة الصفراء، مكبل اليدين، بين أصدقاء ملقون على الأرض. وجهه غاية في الوسامة، شعره أسود، لونه مخطوف، عيناه مقيدتان. الصوت العالي يأن بين رجال مسلحين ببنادق وعصي، أحدهم (أقرع)، مفتول العضلات يتباهي بذكوريته على مجموعة من الـأطفال المراهقين يضع قدمه على رقبة الصبي يضربه بالعصا ويسأله أسئلة يندى لها الجبين.. ولم يبك الطفل، لم يركع! (الأسد) يضع قده الثقيلة على رأسه، يقفز على جسده النحيل: (تريد حرية يا ابن....!)

وهكذا يلخص الرجل (الأقرع)/(الأسد) كل ما يحصل في سورية: حرية!
حمزة الخطيب مات في سبيلها، قطع عضوه التناسلي ودس في فمه بعد كسر رقبته من أجلها. لؤي عبد الحكيم عامر اختطف، عذب لمدة 6 أيام، ثم قتل، زينب ذات الـ 19عاما اختطفت رهينة بعد قتل أخيها محمد وتم تسليمها بلا رأس أو ذراعين. مغنون فقدوا حناجرهم، رسامو كاريكتير قطعت أياديهم (كرمالا) لها. حرية!

آلاف القتلى والجرحى في معادلة واضحة: الشعب في مواجهة الديكتاتور!
 لقد انقضى زمن الخوف. الشهيد بوعزيزي أطلق الشرارة مع خالد سعيد، وورثها عنهما حمزة الخطيب. والفرق بين هذه الحالات اننا نعد من قبل بعض المغيبين، ديمقراطيين في الحالتين التونسية والمصرية، و(معادين للمقاومة) في الحالة السورية! وهكذا تولدت معادلة غاية في الغرابة، معادلة تعتمد على ثنائية جديدة: اما الديمقراطية أو المقاومة! فأنت معاد للمقاومة عندما تطالب بدستور ديمقراطي، برلمان منتخب، تعددية بعيدا عن حكم الحزب الواحد. أن طالبت بالحرية فأنت، وقناة "الجزيرة"، وعزمي بشارة، ودولة قطر، وتركيا الان، كلكم معادون للنظام العربي الوحيد الذي يدعم المقاومة! عليك ان تضحي بحريتك في سبيل حرية القائد الأول، الداعم الأوحد للمقاومة، وكأن الشعب برمته معاد للمقاومة!

ان ثنائية المقاومة والديمقراطية أصبحت لا تنطلي حتى على الطفل ذو الفانلة الصفراء. لذلك يتم اللجوء لوسائل تعذيب  تهدف لخلق حالة من الخوف والاذلال غير مسبوقة. فالقائد الأوحد/الاله/ابن الاله المنزه عن الخطأ هو المرجعية الوحيدة وحزبه هو الوحيد الذي يجب أن يقود لأنه مرتبط بمن لا يخطئ! فليمت الالاف من الناس طالما أننا نقف في (المعسكر المعادي للامبريالية والصهيونية!) وكأن حمزة الخطيب، وعضوه التناسلي، والطفل ذو الفانلة الصفراء عملاء للسي أي ايه والموساد.
ان المقاومة الشريفة لا يمكن وبأي شكل من الأشكال أن تكون مبررا للديكتاتورية. بل على النقيض من ذلك، ان الهدف الأستراتيجي لها هو الحرية، والأداة التي تتجسد من خلالهاهذه الحرية هي الديمقراطية. (نقطة!)
ما هو الفرق بين مبارك، القذافي، على صالح، الملك حمد خليفة، وبشار الأسد؟ سؤال تكمن اجابته في درجة استخدام الأدوات القمعية لقهر شعب يطالب بالحرية. ومن الواضح أن المنافسة بين هذه الأنظمة شديدة. ومن من الواضح أيضا أن أكثرها فاشية هو ذلك الذي يطلب من طفل أن يركع لصورة القائد الاله! والمفارقة أن الطفل لم يركع!

بقلم: د. حيدر عيد
طباعة     إرسال في البريد الإلكتروني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق